في الحقيقة كنت أعتبر نفسي من مهووسي وديدان الكتب. فقد كانت القراءة هي أحد أهم الأشياء التي أقوم بها. وفي بيتنا تعانق المكتبات كل جدران البيت. وكانت إحداها مخصصة لي ولإخوتي، وفي كل سنة كنا نتشاجر دوماً حول اقتسام الرفوف، وتكون نتيجة هذه المشاجرات مفاوضات للتنازل عن بعض الكتب القديمة من قبل كل طرف، لكي نضعها في صناديق توضع في غرفة المكتبة المليئة بصناديق الكتب! حيث لم يعد هناك مكان للكتب حتى على رفوف المكتبة!
وكانت زيارة المعرض من أكثر المناسبات خصوصية بالنسبة لعائلتي. وكنت في صغري أذهب مع أسرتي لكن عندما كبرت قليلاً صرت أخصص زيارات منفردة ألبي فيها دوافع فضولي. وفي أغلب الأحيان لا تكفي زيارة واحدة! فأضطر لزيارة المعرض عدة مرات حتى أخمد تماماً مشاعر الفضول والاستكشاف لدي.
لكن الشيء الجديد الذي حصل في المرة الماضية هو أنني لم أزر المعرض! ولم أجد الوقت لذلك، ولم أشعر بالحسرة على ذلك! وسأحاول أن أشرح على نحو عابر لماذا نحن بحاجة أقل للكتاب إن كنا بحاجة لها أصلاً!
الفكرة الأساسية من الكتب هي أن الكاتب يريد إيصال مجموعة من الأفكار، فهو يقوم بإعداد هذه الأفكار وتنظيمها على مدى فترة زمنية معينة، ثم يقوم بتقديمها لك في كتاب.
الشيء المختلف الآن هو أن الإنترنت موجودة الآن. فالكتّاب (ضمن مجالات معينة بالطبع وليس كلها) أصبحوا على الإنترنت، وهم يشاركون لحظة بلحظة كل ما يستجد معهم من أفكار (من خلال أدوات الوب 2.0 ولعل أبرزها تويتر والمدونات)، وتستطيع الاطلاع على كل النقاشات التي يقومون بها مع أصدقائهم وأقرانهم، والنتائج التي يستخلصونها من تلك النقاشات. وتستطيع أن تتابع المؤتمرات واللقاءات التي يحضرونها بشكل مصور أو نتائجها على الأقل. كما تقرأ بشكل تتابعي كل ما يستجد معه من نتائج وأفكار جزئية، كما وتستطيع تبين تعليقات ورودود الآخرين عليها بشكل تفصيلي. والحقيقة الأكبر هي أن الكتاب أصبحوا موجودين معاً على الإنترنت وليس كل شخص بمفرده، وهذا يعني أن جزئيات تطور الأفكار تتفاعل مع بعضها، قبل مراحل كثيرة من مراحل الوصول إلى كتاب نهائي، وهو أمر لم يكن ليحصل قبل انتشار الإنترنت.
فباختصار يمكنك أن تعيش مراحل تطور الكتاب لحظة بلحظة، وربما عندما تقرأ هذا الكتاب في النهاية فستشعر أن هذا الكتاب لا يمكن أبداً أن يختصر هذه التجربة ومراحل تطور هذه الأفكار.
من الأمثلة التي مررت بها هو متابعتي لموضوع التشاركية والتعاون على الإنترنت. فقد كنت أتتبع أبرز وأهم الشخصيات والمواقع والمجلات المتخصصة في هذا الأمر. كما حضرت محاضرات لهؤلاء الأشخاص في مؤتمرات مصورة، كما واطلعت على مقالاتهم وأبحاثهم التي نشروها، ثم تيسر لي أن أقارنها فيما بعد مع كتبهم، ولم أجد سوى أن كتبهم كانت مثل ملخص متواضع لكل تلك التجارب التي عشتها لحظة بلحظة!
المثال الآخر هو في البرمجة وبيئات التطوير. فقد ولى زمن الكتب التقليدية textbooks التي تغطي كل تفاصيل لغة برمجية معينة، والتي تمضي عدة شهور لتقرأها قبل أن تتعلم. كل ما عليك أن تفعله الآن هو أن تبدأ بالعمل على التقنيات التي ترغب بها، وكلما واجهتك مشكلة تريد حلها، فيمكنك البحث عنها والوصول إليها من مصدرها. هذا هو نموذج عند الحاجة on-demand. فالفكرة هي أنه يمكنك الوصول للمعلومة أو لحل المشكلة التي تريد عند الحاجة من خلال البحث عنها.
وإن لم تستطع أن تجد الحل المباشر لها فيمكنك ببساطة أن تتصل بمجتمع الخبراء والمتابعين لهذا المجال أو هذا الموضوع. ولعل شبكة Stack Exchange التي تتضمن مجتمعات متخصصة بالعديد من المجالات (أكثر من 80 مجال)، هي من أبرز الأمثلة على ذلك. ومؤخراً ظهرت شبكة كورا Quora، وهي شبكة أسئلة وأجوبة أكثر طموحاً من شبكة Stack Exchange، تؤمن لك الاتصال بذوي الخبرة الحقيقية الأوائل في أي مجال تريد، رغم أن الشبكة ما زالت قوية في مجال التكنوجيا إلا أنها بدأت تتوسع لتشمل العديد من المجالات مثل الشركات الناشئة startups وغيرها. (ما زال دخول هذه الشبكة يحتاج إلى دعوة فلا تتردد بالتواصل معي إذا كنت ترغب بالانضمام).
فبكل بساطة هؤلاء الأشخاص الذين لديهم خبرة قد يحتاجون إلى وقت طويل حتى يقوموا بكتابة كتب كاملة وشاملة عن خبراتهم. والآن أصبح بإمكانك أن تصل إلى الخبرات الجزئية وغير المكتملة لحظة تشكلها وعند الحاجة لها بفضل مثل هذه المواقع.
وفضلاً عن إمكانية الوصول إلى الخبرات الجزئية، فإن النصوص المكتوبة لم تعد الطريقة الوحيدة المتاحة للتعبير عن الخبرات والمهارات. فعلى صعيد اللغات والبيئات البرمجية باتت تنتشر في الآونة الأخيرة ظاهرة لقطات الشاشة المصورة screencasts والتي باتت الطريقة المفضلة للمبرمجين لنقل خبراتهم بشكل أقرب إلى أبجديات التفاعل البشري من القيام بالكتابة. وهذه محاضرة كاملة يتحدث فيها كريس آندرسون عن أهمية فيديو الوب ودوره في تقليل حاجز مشاركة الكثير من المواهب الخبرات بشكل يسير وسريع مما يساهم على نحو جوهري بتسريع وتيرة الإبداع العالمي. ولعل أبرز مثال أورده هو موقع جوف Jove، الذي هو عبارة عن مجلة أبحاث علمية منشورة بشكل فيديو الطريقة والتي توفر على الباحثين كتابة نتائج أبحاثهم بلغة علمية صارمة مما يوفر ملايين الدولارات.
فالكتب أصبحت شكلاً من أشكال الرفاه العلمي الذي يمكن الشريحة البعيدة عن حافة المجال والاختصاص أن تتمكن من ولوج هذا العالم. ولكن هذا لا يحصل إلا بعد أن ينضج هذا المجال بالفعل، وأن يتطور نموذجه الاقتصادي بحيث يتواجد عدد كاف من القراء يدفع الناشر لتمويل عملية تأليف كتاب. أو أن يتواجد مجتمع كبير جداً ضمن هذا المجال بحيث يقوم بتأليف كتاب بشكل تعاوني ومجاني.
فالكتاب ليس أبداً الأداة المناسبة للراغبين بالريادة وللراغبين بالسبق وبالاستفادة القصوى مما هو موجود في عالم العلم والمعرفة والتكنولوجيا. ولعل المثال الذي واجهته شخصياً كان من خلال استخدامي لأدوات الجيل الثاني من بيئات تطوير الوب (كانت تجربتي مع بيئة Ruby on Rails وعالم جافاسكربت وكذلك عالم Node.js). حيث كانت هناك تكنولوجيات عظيمة موجودة ومستخدمة ولم يكن هناك الشيء الكافي من المكتوب عنها. وحتى عندما تجد كتيباً فإن هذا يعني أنك تقرأ عن تقنية مضى عليها زمن جيد وانتشر استخدامها لدرجة كبيرة أصبح يوجد مجتمع كاف وكبير حول هذه التقنية ليتفرغ شخص ما للكتابة عنه. طبعاً هذا الموضوع له ارتباط بالنموذج الجديد للتعلم في عصرنا الحالي الذي ربما يجب أن أفرد له تدوينة خاصة به في المستقبل القريب إن شاء الله.
وفي النهاية وكما يجب علينا أن نؤكد دوماً عندما نتحدث عن الأساليب والطرق الجديدة، فإنه ستظل بالطبع حاجة للكتب خصوصاً الكتب القديمة وكذلك الكتب المؤلفة في المجالات التي ما زالت مجتمعاتها بعيدة عن تبني أدوات التشارك وثقافة الانفتاح. أما عدا ذلك، فإذا كانت معلوماتك وأفكارك مصدرها الكتب، فاعلم أنك آخر من يعلم وأقل من يعلم عن هذا الأمر، وهناك الكثير ممن سبقك وممن يمتلك معرفة أكثر عمقاً منك، ولا يميزه شيء سوى أنه يعرف كيف يستخدم الإنترنت والوب! ويعرف كيف يستقي المياه من ينابيعها التي أصبحت من المتيسير لأي شخص عادي أن يصل إليها!
تحية لك أمجد ..
يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن اجمالي عدد مستخدمي شبكة الويب في الوطن العربي قرابة 65 مليون اي اقل من الربع، وفي سوريا عدد المستخدمين 2 مليون بأفضل الاحوال .. كم نحتاج من الجهد لايصال جهاز حاسوب لكل مواطن ثم خط انترنت سريع (هل نسينا عدد مستخدمي خدمة الاتصال الهاتفي في سوريا) .. ايضا نحتاج الى جهود جبارة لمحو الامية التقنية ثم لنصطدم بالحقيقة المحرجة : حجم الويب العربي (هل سنفرض تعلم لغة اجنبية على مئات الملايين؟)
الاسلوب الذي ذكرته نافع تمامًا في مجال المعلومات والأفكار الجاهزة، بينما لا يمكن للفرد بناء منظومته الفكرية والفلسفية والثقافية بالاستغناء عن الكتب، هناك نقطة يجب الانباه اليها وهي انك خرجت من رحم المكتبة التقليدية وبالتالي لا يمكن التنبوء بنتائج تجربتك مع الاستفادة من شبكة الويب في حال لم تخض تلك التجربة السابقة.
المشكلة يا صديقي حاليا ليست في اسلوب التعليم وايصال المعلومات والفكر والثقافة .. المشكلة في مجتمع بليد تجاه المعرفة والقراءة، مجتمع مثقل بتقاليد اجتماعية وثقافية تمجد لغة القوة والجهل : السيف اصدق انباء من الكتب
التوليفة الافضل بنظري هي ما يجمع كل وسائل المعرفة … حسب الحقل العلمي والمرحلة والحاجة
شكراً لك صديقي طريف! في الحقيقة ما أثرته مهم جداً وفي الحقيقة في ذهني ثلاث تدوينات تعالج القضية! لكنني سأرد باقتضاب هنا!
بالنسبة لموضوع الوصول لملايين الناس. فالرهان هو على الموبايل. فالموبايل يشكل أكثر من نصف الأجهزة التي تدخل الإنترنت، ويفوق من عندهم أجهزة موبايل عدد من عندهم مراحيض صحية في العالم!
أما بالنسبة لموضوع الفكر والفلسفة والثقافة فهنا علينا التمييز بين جزئين (هذا كلام عام جداً)…
فهناك الجزء الأول مما لم نعد بحاجة إليه. فقط على سبيل العجالة لنتذكر كيف أن الثورات القديمة كانت بحاجة لجهود المفكرين والمثقفين (الثورة الشيوعية)، بينما الثورات المعاصرة قائمة بشكل عفوي وتصنع فكرها بنفسها (الربيع العربي، حركة احتلوا وول ستريت).
أما الجزء الثاني فنحن بحاجة لبذل جهود لإتاحته بشكل حر ومتيسر على الإنترنت. تماماً مثل حركة التعليم مفتوح المصدر حيث أتاحت كبرى الجامعات كل مقرراتها بشكل مفتوح مما أتاح لجموع غفيرة أن تسترشد بها في شق طريقها الذاتي للتعليم.
وشكراً على مرورك وتعليقاتك الرائعة!
وجهة نظر كتير مهمة بس انا عندي فكرة حابب اطرحها عن الموضوع.
انا رأيي انه من الصعب الحصول على المعلومة بشكل منظم و متكامل عن طريق الإنترنت و خصوصا انها مبعثرة و تحتاج من القأرئ او الباحث الى ان يقوم بجولة واسعة حول المعلومة ليتوصل لها.
اما عن طريق الكتاب فإن الوضع مختلف فإن المعلومة موجودة بشكل مباشر مع كل التفاصيل المتعلقة بها و تقدم للقارئ بتدرج يتناسب مع مستواه.
فلا غنى عن الكتاب في بناء المعلومة بشكل واضح و صحيح.
لذلك انا من اكثر المعجبين بالكتاب الإلكتروني لأنه متوفر على الإنترنت و فيه الفائدة كما يجب ان تكون.
شكراً على مرورك صديقي. حاولت توضيحي وجهة نظري في تعليق منفصل 🙂
جميل ما طرحته أخي الأمجد ، أتفق مع كثير مما قلته إلا إني أعتقد أنه لا يمكن أن نطبقه على جميع العلوم ،
ولعل الأخ الفاضل Louai Haimour إختصر علي بعض ما أردت قوله
شخصياً أتبع هذه الطريقة في تعلمي للبرمجة ، أتابع بإستمرار الجديد في المجال الذي أعمل عليه وبالتالي هنا تكاد تكون فكرة أن أقرأ كتاب لتعلم لغة برمجية غير فعألة لأنه فعلاً أكثر ما سيتم ذكره في الكتاب قد مررت عليها مسبقاً أثناء متابعتي للجديد في هذا المجال.
يمكن أن أستخدم طريقتك في مجال إهتمامي الأول حيث غالباً أكون مطّلع على كل ما يستجد فيه ، أما بقية إهتماماتي الثانوية مثل الفكر والفسلفة وعلم الإجتماع على سبيل المثال والتي لا يسمح لي وقتي بأن أتابع الجديد فيها بإستمرار فمن شبه المستحيل تقريباً أن أعتمد فقط على الويب الحديث كـ تويتر أو فيس بوك ، تظل معلومات مشتتة ربما أقرأها بوقتها وتضيع أو يفوتني الكثير منها .. الكتاب يؤسس منهج قوي ويرتّب الكثير من أفكارك ، بإعتقادي لا يمكن أبدأ أن أصنع أساس متين بدون كتاب يمهدني ويرسم لي الخطوط العريضة .. المقالات والتحديثات على الويب في مجال معين لا يمكن أن تكون بتلك الفائدة المرجوّة منها إلّا إن سبقها أساس متين في نفس المجال فتكون كل تلك المعلومات مهما كانت مشتتة وبسيطة إلا أنك بإستطاعتك أن تصبّها في مسارها الصحيح عند تلقّيها، وإلا فهي معلومات قيّمة لكنها غير مفيدة فعلاً
يذكّرني هذا بالحِكَم والعبارات الجميلة التي آرها في تويتر أو برنامج الوآتس آب والتي تكون أحياناً قيّمة وعميقة جداً ولكنها تمر مرور الكرام على كثير ممن ليس لديهم منهج واضح ومعرفة مسبقة أو قرآءات عميقة في نفس المجال وبالتالي لم ولن يستفيدوا منها ولن يطبقوها في واقعهم بكل تأكيد ،،
بالمناسبة ، معرفتي بك قبل يومين ودخولي عالمك فتح لي الكثير من الآفاق ، سعيد جداً بك يا الأمجد (:
ثم إني آسف ع الإطالة !
أشكرك على مرورك صديقي أحمد. يسرني أن أتعرفك إليك أنا أيضاً.. 🙂
أشكرك على ملاحظاتك خصوصاً بالنسبة للثقافة والفكر. حاولت بشكل مقتضب أن أوضح الرسالة من التدوينة في الأدنى. وربما سأكتب تدوينة ثانية.. 🙂
شكراً على مرورك مرة أخرى 🙂
اممم
المقالة رائعة مع تعليق على اهمية الكتب
حيث أن 70% من المعلومات الموجودة على الإنترنت مأخوذة أو مقتبسة من الكتب حيث أن عمر الإنترنت لايتجاوز الثلاثة عقود بينما الكتاب يعود لتاريخ الأبجدية الأولى
المقالة تناقش مجال واحد فقط والذي هو مجال التقنيات الذي تطور بشكل كبير بعد وجود الإنترنت
اما في باقي العلوم فيعتبر الإنترنت من المراجع التي تأخذ المقام الثاني
إضافة إلى ذلك الكتب بدأت تتحول للمجال الإلكتروني والأرشفة الإلكترونية مثال ويكابيديا
لكن نعود لنفس النقطة الكتب ثم الإنترنت
وبإحصائية بسيطة في محيطك تجد أن الاستمتاع بالكتاب يأتي أجمل من لو تسمرت امام هذه الشاشة المربعة
في اوربا ورغم التطور الذي وصلوا له لايزال الكتاب يحقق مبيعات خيالية
وشكرا
شكراً صديقي على مرورك 🙂 أنت تتحدث بشكل أساسي عن المعلومات والمعرفة التي تشكلت قبل عصر الإنترنت. فمعك حق. لكن ماذا عن الخبرة التي تتشكل الآن وفي هذه اللحظات؟
الأمر لا علاقة له بمجال التقنيات رغم أن التقنيات هي في البداية. وربما علي أن أكتب تدوينة مفردة لذكر أمثلة واقعية أكثر إقناعاً.
أشكركم يا أصدقاء على مروركم.. في الحقيقة ردودكم وملاحظاتكم كلها حرضتني على التحضير لمدونة أخرى أشرح فيها الفكرة بشكل تفصيلي. لكن سأحاول هنا أن أوجز الرسالة من هذه التدوينة.
أنا لست ضد الكتب… إذا كنت تستطيع توفيرها 😀
الفكرة هي أنه قبل عصر الإنترنت، قبل قيام المؤلفين والخبراء بتأليف الكتب في مجالاتهم… لا يمكنك أن تفعل أي شيء سوى الانتظار!
أما الآن وكما شرحت في المقالة فإنه يمكنك أن تصل إلى مراحل بناء هذا الكتب وغيره، وإذا استطاع أي شخص أن يمتلك هذه القدرات فإنه سيستطيع الوصول إلى كنوز مخبأة من الخبرة والمعرفة التي تبنى بشكل تراكمي على الإنترنت.
i شكرا لك على التدوينة، و اسمح لي أن انقل تعليقي عليها من الفيس بوك:
طبعا لكل ما يهواه و يحبذه، شخصيا اختلف مع التدوينة في بعض النقاط:
1- الفكرة الاساسية من أي كتاب ليست فقط ايصال مجموعة من الافكار المتناثرة، فالكل هنا أكبر من مجموع أجزاءه، عندما يقوم كاتب (أو مجموعة من الكتاب) بتأليف كتاب معين، فان توليفة الافكار المنتقاة و تسلسلها و انسيابها تعطي صورة مختصرة عن الموضوع في زمن ما، و لكن بشكل كامل لا يستطيع الاقتصار على القراءات المتناثرة اعطاءها (و بالاخص لغير المختص في المجال). و هذا ينطبق على اي كتاب في أي مجال، فالقراءات المبتسرة سواء علميا أو دينيا أو فلسفيا لا تعطي ما يعطيه الكتاب الكامل من عمقز هذا ناهيك عن العمل الابداعي و الفني الذي لا يمكن أن تكون نسخة مختصرة منه بعمق و جمال و قيمة العمل الاصلي.
2- هناك تفاوت ايضا بين الاختصاصات، طبعا بالنسبة للمبرمج و الساعي خلف الحديث من العلوم أن يسعى للجورنالات العلمية و المؤتمرات العلمية و الانترنت لمعرفة الجديد، و لكن هذا يفيد في اكمال الصورة و ليس في بناء الصورة من أولها، و قد يضر باعطاء صورة غير صحيحة حتى بافتراض القيمة العالية لمصادره بسبب عدم ادراك الصورة الكاملة التي يحيط بها الكتاب.
3- و البعض كان شديد الانتقاد للانترنت و تأثيرها على عمق المعرفة ، و من اشهر ذلك http://en.wikipedia.org/wiki/The_Cult_of_the_Amateur
4- بالنسبة لي الكتاب ليس الورقي حصرا، فمعظم قراءاتي هي من خلال السماع (مثلا اشتريت كتاب مذكرات ستيف جوبس وقت صدوره ورقيا، و لكن حجمه جعل من الوقت المخصص لقراءته في المنزل قليلا و كنت اتقدم ببطء. عندما نزل نفس الكتاب على شكل صوتي استطعت سماعه في اسبوع واحد). و ايضا: أحد الكتب
الموجودة في مكتبة منزلنا بدمشق هي كتاب “اعراب القرآن الكريم و بيانه” الذي احبه جدا، و لكني ما استطعت حمله معي الى اليابان أو الى لندن بسبب حجمه، و لكن بعد أن اصبح عندي اي باد اصبح معي طول الوقت http://www.waqfeya.com/book.php?bid=2785 و لا استبدله بالبحث عن طريق الانترنت.
5- و حتى في المجال التقني، أنا مشترك في مكتبة أوريللي التي تسمح لي بالدخول الى أي خمسة كتب من كتبها التقنية كل شهر، لأن جودة ما يوضع في كتاب أكثر مما هو على الانترنت، و ان الجودة مضمونة هنا مما يعني توفير الوقت بدل البحث في جنبات الانترنت و التجريب.
أعتقد أنك لم تبال بالذهاب الى معرض الكتاب لانك مهتم اساسا بالكتب التقنية البرمجية، و التي يتوفر ما هو أحدث منها على الانترنت كما وصفت، و ان لديك الخبرة و المعرفة الكافية في هذا المجال لتشق عباب الانترنت بنفسك دون دليل. كما أن الجديد المنشور و الموجود في المعرض هذه السنة كان على ما اعتقد أقل بكثير من العادة بسبب الظروف المحيطة.و لكن هذا لا يعني التعميم ابدا، ففي المجالات الاخرى و عند الاخرين حاجات حقيقية للكتب، ورقية كانت أو ديجيتالية أو حتى متسربة من سماعات الهيدفون 🙂
سلامات
حكيت كلام عم يدور ببالي من زمان .. يسعدني اني عرفت بمدونتك 🙂
شكراً لك على مرورك أستاذ محمد.. ولو كان ترحيباً متأخراً نتيجة انقطاعي عن التدوين فترة بعيدة 🙂